
منابع العظمة
منابع العظمة
قال ابن مسعود : من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات ، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أبر هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً . قوماً أختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ، وإقامة دينه . فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
يقول الغزالي : إن المؤمنين الذين صحبوا الأنبياء ، واقتربوا من حياتهم ، أتيح لهم ما لم يتح لغيرهم من منابع الصفاء ووسائل الإرتقاء . وقد التف بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فريق من الربانيين الأتقياء ، زكت بصحبته...

ما هي إلا سراب
ما هي إلا سراب
تأمل في هذه الآيات الصغيرة مدة الدنيا ، واحفظها لتستشهد بها في الحديث عن إدبار الدنيا ومدتها القصيرة بالنسبة لمدة عمر الإنسان فيها ، وكيف أن أهوال ومشاهد القيامة تفقده نسيان حياة الشهوات والملذات والمتع والنعيم الواسع الذي تقلب فيه طول حيته في الدنيا .
§ (أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون )
§ (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم ) .
§...

الفقر الذاتي
الفقر الذاتي
كل مخلوق فقير إلى الله ، محتاج إليه ليس فقيراً إلى سواه ، فهو ليس مستغنياً بنفسه ، ولكنه مستغنيا عن الدنيا كلها إذا اختار العيش مع ربه . وأن ذلك الغير فقيراً أيضاً محتاجاً إلى الله
ومن المأثور عن أبي يزيد العارف بالله ، أنه قال : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق . وعن آخر أنه قال : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون .
وهذا تقريب للعبارة وإلا فهو كاستغاثة العدم بالعدم فإن المستغاث به إن لم يخلق الله فيه قوة وحولاً و إلا فهو لايملك...

حرب المصطلحات
حرب المصطلحات
( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون )
في هذا السياق الكريم يخبر الله عز وجل الرسول : ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أحوال الأمم السابقه مع أنبيائهم ، حيث اتهموهم بإنهم مسحورون أومجانين ، وأحياناً أن يدّعون أن آلهتهم أعترتهم بعقوبة مستهم في عقولهم .
وقريش لم تكن بدعاً بين الأمم التي قاومت حركة الإصلاح التي جاءت بها الرسل إلى أقوامهم . فقضية قريش مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي الخوف من انتزاع السلطة من أيديهم ، وينتهي بهم الأمرإلى أن يستووا مع...

المشهد الرهيب
المشهد الرهيب
(لاتختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) أنتم الآن في دار الجزاء ، فلا مكان للمخاصمة والجدال ، ولاطائل تحتها . فقد أرسلت إليكم الرسل وأنزلت عليكم الكتب ، وفصلت لكم ما حل بالأمم السابقة من العقوبات بعد ما جاءتهم البراهين الساطعات والحجج الواضحات فقامت عليكم حجتي .
وقد حذّرتكم رسلٌكم من مغبت وتبعات الكفر والمعاصي ، فأعرضتم عن الآيات ، والتحذيرات فما تركت لكم من حجة عليّ ، فالمقام الآن ليس مقام اختصام ، وتبريرات ، فاعضاءكم...

القضاء السابق
القضاء السابق
ما يصيب العبد في دنياه مما يضره أو ينفعه ، كله مقدر عليه ، ولايصيب العبد إلا ما كُتب له من ذلك في الكتاب السابق ، ولو اجتهد الخلق على خلاف ذلك ، لن يستطيعوا أن يغيروا من قدرالله وقضائه .
وقد دل القرآن على مثل هذا في قوله تعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) وقوله عز وجل : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) .
فإذا علم العبد أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ، ونفع وضر ، وأن اجتهد الخلق كلهم على خلاف المقدورغير مفيد...

قرب الله من العبد
قرب الله من العبد
قيل المراقبة : علم القلب بقرب الرب . وفي هذا السياق ، سئل الجنيد ، بما يستعان على غض البصر؟ قال : بعلمك أن نظر الله إليك ، أسبق من نظرك إلى المعصية
لما وصى ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ : معاذاً بتقوى الله سراً وعلانية أرشده : إلى ما يعينه على ذلك ، وهو أن يستحي من الله كما يستحي من رجل ذي هيبة من قومه .
ومعنى ذلك أن يستشعر دائماً بقلبه قرب الله منه ، واطلاعه عليه ، فيستحي من نظره إليه . ومن صار له هذا المقام حالاً دائماً أو غالباً ، فهو من المحسنين الذين
يعبدون الله...

تجنب اللدود المخاصم
تجنب اللدود المخاصم
قالوا من قلة الفطنة والبلاهة ، أن تبادر عدواً أو حسوداً أو من لك عليه حق بالمخاصمة . وإنما من الحصافة والفطنة وحسن التدبير إذا علمت أنه لدود مخاصم عنيد أن تظهر له السلامة .
فإذا رأيت منه إعتذاراً ، فأقبله ، وإذا بادرك بالخصومة ، بادره أنت بالصفح ، ثم أبطن الحذر منه ، فلا تثق به . وإذا أردت أن تؤذيه ، فأول سلاح تتخذه ، أن تقوم بإصلاح نفسك في قولك وفعلك ، وأعلم أن أعظم العقوبة لهذه الفئة من الناس هي أن تعفو عنه لله تعالى .
وإن بالغ في الشتم ، فبالغ أنت في الصفح . وكن...

كتمان العاطفة
كتمان العاطفة
إذا بغضت شخصاً لأنه يسوؤك فلا تظهر ذلك ، فإنك تنبهه على أخذ الحذر منك ، وتدعوه إلى مبارزتك بالعداوة ، فيبالغ في حربك ، والأحتيال عليك .
بل ينبغي أن تظهر له الجميل إن قدرت ، وتحسن إليه ماستطعت حتى تكسر شوكة معاداته وكراهيته لك . فإن لم يسعك خلق المداراة والتلطف ، فحينئذٍ هجر جميل لايصحبه أذى .
فإن سمعت منه كلمة تسوءك ، فاجعل جوابها كلمة جميلة ، فهي أقوى في كف اللسان على التطاول والأسترسال في القبيح . فالحزم كل الحزم في كتمان الحب والبغض .
وكذا ينبغي أن تكتم سنك ،...

لاطمأنينة ولا قرار
لاطمأنينة ولا قرار
قال قائل : تفكرت في نفسي ، فرأيتُني مفلساً من كل شيء !! .
إن اعتمدت على الزوجة ، فهي دائماً لم تكن كما أُريد منها ، إن حسنت صورتها لم تكمل أخلاقها ، وإن كملت أخلاقها كان ذلك لغرض تريد تحقيقه مني ، وليس مبعث ذلك حبٌ في.
وإن اعتمدتُ على الولد فشأنه كشأن أمه ، وكذلك أمر الخادم . فالذي يحركهم جميعاً مصالح ومطامع شخصية ، الكل يسعى للحصول عليها .
وإن عدتُ إلى نفسي ، وجدتُها لاتصفو إلي ، فهي مُشتتة الأهواء ، تجرني إلى الدنيا جراً ، ولا تنقاد معي إلى الفضائل والقيم ،...