
في ظلمات ثلاث
في ظلمات ثلاث
( ما لكم لاترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا ...الخ ) ، بين الله أن انصراف خلقه عن التفكر في هذا الأمر ، والإعتبار به ، مما يستوجب التساؤل والعجب ، وأن من غرائب صنعه ، وعجائب قدرته أطوار خلق الإنسان .
مع أنه لم يشق بطن أمه لمتابعة مراحل النمو ، بل أن المخلوق مستتر ، بثلاث ظلمات : وهي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة . فتأمل معنى (فأنى تصرفون ) أي : تصرفون عن هذه العجائب والغرائب .
ثم قال في نهاية الآيات : ( لنبين لكم ) أي : الحكمة من ذلك ، لتظهر لكم بذلك عظمتنا ، وكمال قدرتنا...

اخرجوا العبد العاصي
اخرجوا العبد العاصي
قصة عجيبة : روي أنه لحق بني اسرائل قحط ، على عهد موسى ـ عليه السلام ـ فاجتمع الناس إليه ، وطلبوا من أن يستسقي لهم ، وخرج منهم إلى الصحراء ، سبعون الفاً ، فدعى ربه ، فما زادت السماء إلى تقشعاً ، وازدادت حرارة الشمس واستمر في الإلحاح في الدعاء
فأوحى الله إليه : أن فيكم عبداً ، يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة ، فنادْ في الناس ، حتى يخرج من بين أظهركم ، لأن بسببه منعتُ عنكم ، قطر السماء ، فقام موسى منادياً : ياأيه العبد العاصي ، الذي يبارز الله منذ أربعين سنة ، أخرج من...

أنت أدرى بنفسك
أنت أدرى بنفسك
سُئل علي بن أبي طالب كرم الله وجه ورضي الله عنه : كيف يعرف الإنسان حاله ان كان من أهل الدنيا أو من أهل الآخرة ؟ . فقال : أنت أدرى بنفسك ، إذا جاءك من يأخذ منك ، وآخر جاء ليعطيك ، فانظر لنفسك لمن منهما تبش وتفرح .
فإن كنت أكثر تبرماً وضيقاً من الأول الذي يريد الأخذ منك ، فأنت ممن يحرص على حطام الدنيا ، وإن كنت أكثر فرحاً واستبشاراً فأنت مريد الآخرة .
المطالب العالية

المكاسب الكبرى
المكاسب الكبرى
الحديث القدسي : قال الله تعالى : حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتجالسين فيّ ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ .
وأن لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء ، بقربهم من الله ، وهم قوم تحابوا بروح الله ، على غير أموال يتباذلونها ، ولا أرحام يتواصلون بها .
إن لوجوههم لنوراً ، وأنهم على كراسي من نور ، لايخافون إذا خاف الناس ، ولا يحزنون إذا حزن الناس .
والخلاصة : انك إذا احببت الشخص لله ، كان الله ، هو المحبوب لذاته .
المطالب العالية

كلام أغلى من الذهب
كلام أغلى من الذهب
مما هو معلوم أن صبر يوسف على ظلم أخوته ، له المقام الأعظم في ميزان الله من صبر الذي يتعرض للمصائب الكونية . لأن المصائب الكونية تجعله يستشعر أن الله هو الذي فعل به هذا ، فتيأس نفسه من هم التفكير في المعاقبة وأخذ الثأرمما لوكانت بشرية ، فتهدأ نفسه ويسلّم لأمر الله .
بخلاف المظلوم الذي ظلمه بني جنسه ، فإن نفسه تدفعه إلى العقوبة وأخذ الثأر لنفسه ، فالصبر على مصيبة ظلم الناس ، أفضل وأعظم في ميزان الله ، كصبر يوسف على ظلم أخوته ، لأن صبره هذا فيه مصادمة مع نفسه التي...

التوكل مقام الخاصة
التوكل مقام الخاصة
التوكل : له مقامات ، ينقسم فيه الناس إلى الخصوص والعام : فغالب توكل العامة طلب حضوظ الدنيا . أما توكل الخاصة ، فهو من شأن العارفين ، يتوكلون على الله فيما هو أهم من أمور الدنيا ، بل لم تكن الدنيا على بال هذه الصفوة المختارة .
انهم يرون حالهم أنهم على جناح سفر إلى منازل جنات عدن ، هناك السكن الدائم .
أمامهم العقاب والوهاد ومكابدة السير في المفازات البعيده فهم يتوكلون على الله على الثبات ، وصلاح قلوبهم . فيخطيء من يظن أن التوكل ينحصر في حضوظ الدنيا ، بل أنه في...

الإنسان والمقادير
الإنسان والمقادير
( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) الكبد : المعناة والشدائد والفتن والأكدار . لايكاد يسلم منها أي أحد ، فهذه المكابدة تلازم الإنسان في حله وترحاله أينما وجد وفي أي بقعة من قارات الأرض ، لأن الذي خلقه هو الذي وصف أحواله ، كما هو ظاهر في السياق الكريم .
الذي يعيش في قارت افريقيا : يكابد الفقر والمجاعة ، والأحوال الأجتماعية القاسية والظروف الصحية السيئة ، فهو يعيش في هم وقلق بحثاً عن لقمة العيش من صباحه إلى مسائه .
وأهل الرفاهية ، وسعة الرزق : يعانون أمرض التخمة...

ليس لك الاختيار
ليس لك الاختيار
قال أحد العارفين : لقد انتهيتُ بعد معايشتي للقرآن إلى يقين ، جازم حاسم ، أنه لاصلاح لهذه الأرض ، ولا راحة لهذه البشرية ، ولاطمأنينة لهذا الإنسان ، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة ، ولا تناسق مع سنن الكون وفطرة الحياة إلا بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى .
وهو العودة بالحياة كلها إلى منهج الله الذي رسمه للبشرية في القرآن . إن هذا الإحتكام ليس بنافلة ، ولا تطوعاً ، ولا موضع اختيار إنما هوالإيمان أو فلا إيمان .
إذاٍ ، الأمر جد وليس هو هزل . إنه أمر العقيدة من اساسها . ثم إني...

طرفة
طرفة
روي أن خالة الامام بن القيم رحمه الله مرضت . وذهب لعيادتها . وجلس بجوارها ، فقالت : ياشيخ ، أنا مقبلة على ربي ، فماذا أقول عند ما اكون بين يديه ؟ فقال ابن القيم : ذُهلت من هذا السؤال ، ما ذا أجيبها .
فألهمت ، فقلتُ لها : إذا كنت أمام ربك ، فقولي له جل جلاله : ( اللهم انت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلالي والأكرام ) .
فرأها في نومة بعد موتها . فقالت له : جزاك الله يا شيخ ، لقد نفعني الله بهذه الوصية ، فكانت ، خيرأً كثيراً لي .
المطالب العالية

هُزموا وهم خيرالقرون
هُزموا وهم خيرالقرون
المسلمون اليوم قد أخرجوا أخلاقيات لا إله إلا الله من دائرة العبادة ، فبتخليهم عن هذه القيمة العليا في العبادة ، يكونون قد فرغوا الدين من مضمونه ، وتوهموا أنهم بهذا المفهوم للعبادة ، أن الله سينصرهم في كل الميادين ، وسيقضي لهم حوائجهم ويحقق لهم مقاصدهم .
إذا توهموا أن الدين يكفي في الهوية دون الممارسة العملية ، فقد سقطوا سقوطاً ذريعا ، حيث أساؤا فهم مباديء الدين . وقد نسوا أن المسلمين الأوائل قد هُزموا وفيهم رسول الله ، وهم خير القرون في وقعت أحد ، لما عصوا رسول...