
أبدأ أنت أولاً
أبدأ أنت أولاً
من عادة الكثير من عباد الله أن يصيبهم الهلع والجزع مما يقع عليهم من المصائب والابتلاءات ، فتراهم يسارعون في الدعاء ، واللجوء إلى الله ليرفع عنهم السوء .
فإذا لم يجدوا الإجابة العاجلة ، ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت ويتساءلون عن سر غياب الإستجابة ، دون أن يعودوا إلى انفسهم ، ليروا غياب إقبالهم الكلي عن الله
وسوء حالهم معه عز وجل ، وذلك بإعراضهم عن كثير من أوامره ، وعكوفهم على الوان من المعاصي و الانحرافات .
المطالب العالية

نور البصر والبصيرة
نور البصر والبصيرة
لا تستطيع رؤية الأشياء أمامك على حقيقتها وشكلها من بصرك مباشرة ، إلا إذا استعنت بنور خارجي ، كالشمس أوالمصباح ونحوها .
وكذلك يُقال لاتستطيع أن تدرك ببصيرتك القلبية أسرارالغيبيات ، الغيرمحسوسة إلا إذا استعنت بنور من الوحي الرباني الذي أخصه الله بالأنبياء والرسل ، فيكشف لك نور الوحي آفاق بعيدة في عالم المجهول .
ويكشف لك تحديدأً ما هو مطلوب من أن تعلمة في ما ينتظرك في الدار الآخرة ، من خير وشر على ضوء ما أقدمت عليه في دنياك من اعباء . فما لم تستعن في معارفك...

كيف تخالط الناس
كيف تخالط الناس
ألضابط النافع في أمر الخلطة بالناس : أن يخالطهم في اكتساب الفضائل ، مثل الجمع والأعياد . ويعتزلهم في الشرور ، ويصبر على أذاهم ففيه خير وأحسن عاقبة ، فإن عجزت على ذلك ، فسُلَّ قلبك من بينهم كسلَّ الشعرة من العجين ، وكن فيهم حاضراً غائباً ، قريباً بعيداً نائماً يقظاً ينظر إليهم من علو ولايبصرهم ، يسمع كلامهم ولا يعيه .
لأنه قد أخذ قلبه من بينهم ورقى به إلى الملأ الأعلى ، يسبح حول العرش ، هو في واد وهم في واد ، يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان .
المطالب العالية

منابع العظمة
منابع العظمة
قال ابن مسعود : من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات ، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أبر هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً . قوماً أختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ، وإقامة دينه . فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
يقول الغزالي : إن المؤمنين الذين صحبوا الأنبياء ، واقتربوا من حياتهم ، أتيح لهم ما لم يتح لغيرهم من منابع الصفاء ووسائل الإرتقاء . وقد التف بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فريق من الربانيين الأتقياء ، زكت بصحبته...

ما هي إلا سراب
ما هي إلا سراب
تأمل في هذه الآيات الصغيرة مدة الدنيا ، واحفظها لتستشهد بها في الحديث عن إدبار الدنيا ومدتها القصيرة بالنسبة لمدة عمر الإنسان فيها ، وكيف أن أهوال ومشاهد القيامة تفقده نسيان حياة الشهوات والملذات والمتع والنعيم الواسع الذي تقلب فيه طول حيته في الدنيا .
§ (أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون )
§ (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم ) .
§...

الفقر الذاتي
الفقر الذاتي
كل مخلوق فقير إلى الله ، محتاج إليه ليس فقيراً إلى سواه ، فهو ليس مستغنياً بنفسه ، ولكنه مستغنيا عن الدنيا كلها إذا اختار العيش مع ربه . وأن ذلك الغير فقيراً أيضاً محتاجاً إلى الله
ومن المأثور عن أبي يزيد العارف بالله ، أنه قال : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق . وعن آخر أنه قال : استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة المسجون بالمسجون .
وهذا تقريب للعبارة وإلا فهو كاستغاثة العدم بالعدم فإن المستغاث به إن لم يخلق الله فيه قوة وحولاً و إلا فهو لايملك...

حرب المصطلحات
حرب المصطلحات
( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون )
في هذا السياق الكريم يخبر الله عز وجل الرسول : ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أحوال الأمم السابقه مع أنبيائهم ، حيث اتهموهم بإنهم مسحورون أومجانين ، وأحياناً أن يدّعون أن آلهتهم أعترتهم بعقوبة مستهم في عقولهم .
وقريش لم تكن بدعاً بين الأمم التي قاومت حركة الإصلاح التي جاءت بها الرسل إلى أقوامهم . فقضية قريش مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي الخوف من انتزاع السلطة من أيديهم ، وينتهي بهم الأمرإلى أن يستووا مع...

المشهد الرهيب
المشهد الرهيب
(لاتختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) أنتم الآن في دار الجزاء ، فلا مكان للمخاصمة والجدال ، ولاطائل تحتها . فقد أرسلت إليكم الرسل وأنزلت عليكم الكتب ، وفصلت لكم ما حل بالأمم السابقة من العقوبات بعد ما جاءتهم البراهين الساطعات والحجج الواضحات فقامت عليكم حجتي .
وقد حذّرتكم رسلٌكم من مغبت وتبعات الكفر والمعاصي ، فأعرضتم عن الآيات ، والتحذيرات فما تركت لكم من حجة عليّ ، فالمقام الآن ليس مقام اختصام ، وتبريرات ، فاعضاءكم...

القضاء السابق
القضاء السابق
ما يصيب العبد في دنياه مما يضره أو ينفعه ، كله مقدر عليه ، ولايصيب العبد إلا ما كُتب له من ذلك في الكتاب السابق ، ولو اجتهد الخلق على خلاف ذلك ، لن يستطيعوا أن يغيروا من قدرالله وقضائه .
وقد دل القرآن على مثل هذا في قوله تعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) وقوله عز وجل : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) .
فإذا علم العبد أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ، ونفع وضر ، وأن اجتهد الخلق كلهم على خلاف المقدورغير مفيد...

قرب الله من العبد
قرب الله من العبد
قيل المراقبة : علم القلب بقرب الرب . وفي هذا السياق ، سئل الجنيد ، بما يستعان على غض البصر؟ قال : بعلمك أن نظر الله إليك ، أسبق من نظرك إلى المعصية
لما وصى ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ : معاذاً بتقوى الله سراً وعلانية أرشده : إلى ما يعينه على ذلك ، وهو أن يستحي من الله كما يستحي من رجل ذي هيبة من قومه .
ومعنى ذلك أن يستشعر دائماً بقلبه قرب الله منه ، واطلاعه عليه ، فيستحي من نظره إليه . ومن صار له هذا المقام حالاً دائماً أو غالباً ، فهو من المحسنين الذين
يعبدون الله...