
القضاء السابق
القضاء السابق
ما يصيب العبد في دنياه مما يضره أو ينفعه ، كله مقدر عليه ، ولايصيب العبد إلا ما كُتب له من ذلك في الكتاب السابق ، ولو اجتهد الخلق على خلاف ذلك ، لن يستطيعوا أن يغيروا من قدرالله وقضائه .
وقد دل القرآن على مثل هذا في قوله تعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) وقوله عز وجل : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) .
فإذا علم العبد أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ، ونفع وضر ، وأن اجتهد الخلق كلهم على خلاف المقدورغير مفيد...

قرب الله من العبد
قرب الله من العبد
قيل المراقبة : علم القلب بقرب الرب . وفي هذا السياق ، سئل الجنيد ، بما يستعان على غض البصر؟ قال : بعلمك أن نظر الله إليك ، أسبق من نظرك إلى المعصية
لما وصى ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ : معاذاً بتقوى الله سراً وعلانية أرشده : إلى ما يعينه على ذلك ، وهو أن يستحي من الله كما يستحي من رجل ذي هيبة من قومه .
ومعنى ذلك أن يستشعر دائماً بقلبه قرب الله منه ، واطلاعه عليه ، فيستحي من نظره إليه . ومن صار له هذا المقام حالاً دائماً أو غالباً ، فهو من المحسنين الذين
يعبدون الله...

تجنب اللدود المخاصم
تجنب اللدود المخاصم
قالوا من قلة الفطنة والبلاهة ، أن تبادر عدواً أو حسوداً أو من لك عليه حق بالمخاصمة . وإنما من الحصافة والفطنة وحسن التدبير إذا علمت أنه لدود مخاصم عنيد أن تظهر له السلامة .
فإذا رأيت منه إعتذاراً ، فأقبله ، وإذا بادرك بالخصومة ، بادره أنت بالصفح ، ثم أبطن الحذر منه ، فلا تثق به . وإذا أردت أن تؤذيه ، فأول سلاح تتخذه ، أن تقوم بإصلاح نفسك في قولك وفعلك ، وأعلم أن أعظم العقوبة لهذه الفئة من الناس هي أن تعفو عنه لله تعالى .
وإن بالغ في الشتم ، فبالغ أنت في الصفح . وكن...

كتمان العاطفة
كتمان العاطفة
إذا بغضت شخصاً لأنه يسوؤك فلا تظهر ذلك ، فإنك تنبهه على أخذ الحذر منك ، وتدعوه إلى مبارزتك بالعداوة ، فيبالغ في حربك ، والأحتيال عليك .
بل ينبغي أن تظهر له الجميل إن قدرت ، وتحسن إليه ماستطعت حتى تكسر شوكة معاداته وكراهيته لك . فإن لم يسعك خلق المداراة والتلطف ، فحينئذٍ هجر جميل لايصحبه أذى .
فإن سمعت منه كلمة تسوءك ، فاجعل جوابها كلمة جميلة ، فهي أقوى في كف اللسان على التطاول والأسترسال في القبيح . فالحزم كل الحزم في كتمان الحب والبغض .
وكذا ينبغي أن تكتم سنك ،...

لاطمأنينة ولا قرار
لاطمأنينة ولا قرار
قال قائل : تفكرت في نفسي ، فرأيتُني مفلساً من كل شيء !! .
إن اعتمدت على الزوجة ، فهي دائماً لم تكن كما أُريد منها ، إن حسنت صورتها لم تكمل أخلاقها ، وإن كملت أخلاقها كان ذلك لغرض تريد تحقيقه مني ، وليس مبعث ذلك حبٌ في.
وإن اعتمدتُ على الولد فشأنه كشأن أمه ، وكذلك أمر الخادم . فالذي يحركهم جميعاً مصالح ومطامع شخصية ، الكل يسعى للحصول عليها .
وإن عدتُ إلى نفسي ، وجدتُها لاتصفو إلي ، فهي مُشتتة الأهواء ، تجرني إلى الدنيا جراً ، ولا تنقاد معي إلى الفضائل والقيم ،...

اجعل همك هماً واحداً
اجعل همك هماً واحداً
روي ان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا أصابه خصاصة نادى أهله : يا أهلاه ‘ صلوا . صلوا . وروي أن الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة .
قال صلى الله عليه وسلم : ـ
( يقول الله تعالى : يا ابن آدم ، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك . وإن لم تفعل ملأتُ صدرك شُغلاً ، ولم أسد فقرك ) . وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من جعل الهموم هماً واحداً ، هم المعاد ، كفاه الله هم دنياه . ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أودية هلك ) .
وفي مكان...

ترك النظر إلى الخلق
ترك النظر إلى الخلق
يقال : ما أقل من يعمل لله تعالى خالصاً ، لأن أكثر الناس يحبون ظهور عباداتهم . وكان يقول سفيان الثوري : لا أعد بما ظهر من عملي من مكاسبي . وكانوا يسترون أنفسهم عن نظر الخلق خوفاً من الرياء .
فاعلم أن ترك النظر إلى الخلق ومحو الجاه ومحو حب الظهور من القلوب والعمل على إخلاص القصد والنية ، وستر الحال عن أعين الناس : هو الذي رفع من رفع من السابقين واللا حقين وكان أحمد بن حنبل ، على عظم مكانته في قلوب الخلق يمشي حافياً على الدوام ونعلاه في يديه تواضعاً لله تعالى .
واليوم...

الإسلام المفترى عليه
الإسلام المفترى عليه
الغرب الذين يتهمون المسلمين بإنهم لايعتبرون بأحداث التاريخ .
وعندما ننظر في سلوكياتهم في العالم قديماً وحديثاً يتبين لنا جلياً بإنهم هم الذين لا يعتبرون بالماضي مع كثرة قراءتهم كما يدعون . انظر على سبيل المثال بلد مثل مصر : لم يقع من المسلمين الفاتحين إكراه على الأقباط أن يدخلوا في الأسلام قسرأً ، ولم يُجْلَوا من أرضهم ، ولم يُطردوا من بيوتهم ، ولم تُحرق قراهم ، ولم تُنهب أموالهم ولم يهاجروا من مصر هرباً من حكم المسلمين .
والدليل : أنه ما زالت تزداد...

من ينابيع الهدى
من ينابيع الهدى
(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً)
هذه نفوس قد ذللها أصحابها بالرياضة فعتدلت أخلاقها ، ونقت بواطنها من الغش والغل والحقد ، فأثمرت : الرضا بكل ما قدر الله تعالى ، وهو منتهى حسن الخلق .
فمن لم يشعر من نفسه هذه العلامات ، فلا ينبغي أن يغتر بنفسه ، فيظن بها حسن الخلق ، فعليه المجاهدة ليرتقي إلى هذه المقامات الرفيعة في سلم القيم الأخلاقية.
لما أكثرت قريش إذاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( اللهم أغفرلقومي فإنهم...

تجار أيام زمان
تجار أيام زمان
قال ابن المبارك : كتب علامُ يتاجرلحسان بن أبي سنان من الأهواز أن قصب السكر في الأهواز : أصابته آفة ، فاشتر السكر فيما قبلك ، لأن المتوقع ارتفاع الأسعار لديك إذا انقطع الإستيراد .
فاشتراه من رجل ، فلم يأت إلا وقت قليل فربح في هذه الصفقة ثلاثين الف ، فشعر ان عمله هذا يشوبه التدليس والتحايل وهذا أمر يأباه الشرع ، فذهب إلى التاجر الذي اشترى منه السكر ، فقال يا هذا إن غلامي كان كتب اليّ بهذا الأمر ولم أعلمك ، فأقلني فيما اشتريته منك ، فقال له : قد أعلمتني الآن ، وقد طيبته...