خرج ابن عمر وأصحابه في سفر لهم ، فمر بهم راعي غنم ، فدعوه إلى أن يأكل معهم ، قال : إني صائم ، فقال ابن عمر : في هذا اليوم الشديد حره ، وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الأغنام وأنت صائم ! ؟ فقال الراعي : أبادر أيامي في هذه الخالية .
فعجب من مقالته ، فقال له : هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه ، ونعطيك ثمنها ؟ قال إنها ليست لي إنها لمولاي . قال : ما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت : أكلها الذئب .
فمضى الراعي وهو رافع أصبعه إلى السماء وهو يقول : فأين الله ، فأين الله ! فلم يزل يردد كلمته .
فلما قدم ابن عمر المدينة ، بعث إلى سيد الراعي ، فاشترى منه الراعي والغنم ، فأعتق ابن عمر الراعي ، ووهب له الغنم .
اقول :
هذا راعي غنم من عآمة المسلمين البسطاء لايحمل شهادة علمية ، يظهر لنا هذا السلوك والقيم الإيمانية الرفيعة ، وهذا العمق الإيماني الثابت ، ولم تمل نفسه إلى ما عرض عليه من اغراءات ومبررات تمكنه من الإفلات من هذه الجنحة أمام سيده ، فكانت رقابة الله أكثر صلابة في قلبه من إغراءات المادة ، فرفض هذه العروض ، فكافأه الله بدل الشاة الواحدة خلاصه من رق العبودية ومللكه قطيع الغنم .
وكم نقرأ ونسمع عن مخالفات شرعية كبيرة : من سطوٍ على المال العام والخاص تقع من حملة الشهادات العالية في علوم الشريعة ، من القضاة وطلبة علم في عالمنا الإسلامي ممن يشغلون مراكز قيادية عليا في بلدانهم ، الذين أساؤا بتصرفاتهم هذه إساءة بالغة لقيم الدين ومكانته كرسالة عالمية .
المطالب العالية