اعلم ان بقاء النعمة لديك واستمرارها ، مرهون بشكرها وهذا هو القيد ، الذي ورد
ذكره في السنه النبوية .
ثم أعلم أن هناك سنة أخرى يعامل الله تعالى بها بعض عباده ، ونحن نراها سائدة
على طول الأرض وعرضها ، تلك هي سنة الأستدراج ، وهذا الواقع تراه عياناً
من استمرار إساءتك إليه . قال الله تعالى ( فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لايعلمون ، وأملي لهم إن كيدي متين )
وحصيلة هذا الكلام : أن المؤمن شأنه أن يكون في كل الأحوال على حذر من النعم التي تتوالى عليه من الله ، إنما هي نذير عقاب ودلائل استدراج .
واعلم ان هذا الأمر ، كما أنه ينطبق على الأفراد ينطبق على حال الدول والمجتمعات . وبوسعك أن تعلم إذاً أن ما تتمتع به دول البغي والإستكبار اليوم من
النعم الكثيرة والطغيان إنماهو مظهر استدراج ، كما قال الله تعالى ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ) ، ( لايغرنك تقلب الذين كفروا في البلد ) ، ( متاع قليل ثم مأ واهم جهنم وبئس المهاد ) .
ألم ترى إلى قارون ، لما ركن إلى الإستكبار والطغيان ، استدرجه الله إلى المزيد
من ذلك ، فهلكه الله وأباد معه حصيلة علمه وغناه في لحظة واحدة . وفرعون لما
بغي وطغى حتى ظن أن لا قضاء إلا قضاءه أغرقه الله تعالى.
والشواهد في هذه الإزمنة ، لمن سار على نهج السابقين من الطغاة ، نالهم قضاء
الله تعالى الأزلي عندما انحرفوا عن منهج الله تعالى .
المطالب العالية