إذا مالت نفسك إلى المال والدنيا ، فتوقف قليلا وتأمل لكي لا تنزلق بك إلى أبواب قد لاتفرق فيها بين حلال أو حرام ، حينئذ تُحرم بركته .
والحرمان من البركة : قد يجر إليك آفات متنوعة من الشر ، كأن يبعث في نفسك ألواناً من الضيق والهموم ، وتنفتح عليك أبوابا من النفقات لاعهد لك بها تستنفذ كل ما جمعت وقد تجرعليك مشكلات عويصة ومعقدة ، كنت في غناً عنها .
وبالجملة : تصبح هذه الأموال والأعطيات الغير مشروعة التي تحصلت عليها أعباء ثقيلة تزلزل استقرارك النفسي ، بدلاً من أن كنت تتطلع إلى أن جمعه من أسباب السعادة والرفاهيه .
فليست العبرة بكمية ماجمعت من أموال وإنما العبرة في البركة التي أودعها الله في المال المشروع . فكلما قصرت طاقتك عن الحصول عليه بعد السعي والمحاولة إنما يكون المانع هو قضاء الله وحكمه .
كثيرا ما يربط الله سبحانه وتعالى بين المطر والبركة ( ماًء مباركاً ) فبدون البركة يصبح المطر سيول جارفة وفيضانات مدمرة ، وتذهب البركة من طعم الثمار . فأنت محجوب وراء ستُر من الغيوب ، فكثيرا ما تتجه رغائب الإنسان إلى ما فيه حتفه دون أن يعلم .
ولهذا نجد العلماء الربانيين في العصورالسابقة : يتجنبون موائد السلاطين والحكام ، ويرفضون عطاياهم لعلمهم أن مصادر هذه الأموال تكتنفها الشبهة ، فهي في الغالب من الخزينة العامة لأموال المسلمين ، فإذا كان الأمر كذلك فهي منزوعة البركة ، فهم يحذرون من تبعاتها ، و مقياس الخير والشر في حياة الأنسان لا يتمثل في رغائبه ولكن مقياس ذلك كامن في علم الله ولطفه .
( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون ) البقرة : 216 .
المطالب العالية