كان أحد السلاطين القدامى يحكم إحدى الدول العربية ويتداول ابناؤه السلطة من بعده إلى وقتٍ قريب . وكان سكان هذا البلد ينتمون إلى قبائل متعددة البطون يشتهرون بالقوة و البأس والشدة في القتال ، ولم يخضعهم سلاطينهم وعلماؤهم على الشريعة ، ولا يطبقون الحكم الدستوري الحديث ، كل قبيلة لها اعرافها ومصطلحاتها ، وريئس القبيلة له السلطات والهيمنة المطلقة على قبيلته ، وكل أفراد القبيلة هم عناصر في كيان يمكن تسميته في المصطلح الحديث ميلشيات .
فكيف لهذا الحاكم الجبار المفرط في الدهاء ان يلم شتات هذه القبائل النافره ويخضها تحت نفوذه وهيمنته . فلجأ الى الحيلة فشكل جهاز استخباراتي من عناصر هذه القبائل ، ومدهم بالمال وكانت مهمتهم تنحصر في بث الشائعات في القبائل ، عن قدراته الخارقة وأنه بمثابة قدر من أقدارالله ، له قداسة عند ربه ، يمده بالكرامات والقدرة على معرفة معارضية ومن يضمرون له الشر في مملكته .
فمن الإشاعات التي كان يروجها في بلده عن طريق عناصراستخباراته : ان هذا الحاكم شُوهد لمرات عديده يفرش سجادة على سطح مياه البحر ويؤدي الصلاة عليها ولم تبتل قدماه بالماء ، فتمكن من خلال هذه إلاشاعة من بث الرعب في قلوب من يفكرفي التآمر عليه والإطاحة بحكمه .
ومن تلك الإشاعات انه شُوهد في المقبرة عند قبرأبيه الأكثر دهاءاً وقد أخرجه من قبره ، ليستشيره عن بعض المعضلات ، والمساعدة في احكام القبضة على شعبه .
أقول : مثل هذه الخرافات والحيل ابتكرها من هو على رأس السلطة ، وهو مسلم يفترض فيه ان يحتكم إلى شريعة الله ويسوس مواطنيه بمباديء الدين وقيمه ولكن كان همه الأكبر الحفاظ على كرسي السلطه . فهذا الفاروق عمرـ رضي الله عنه ـ كان يحكم نصف الكرة الأرضية يحتكم الى مباديء الدين في تلك الأرجاء الواسعة ويطبق الشريعة على مواطني البلدان المفتوحة .
وقد قال له الوفد الذي وفد إلى المدينة ، عندما وجدوه مسغرقا في النوم تحت ظل شجرة في احدى بساتين المدينة مستلقياً على التراب ومتوسداً تحت رأسه الحجر وهم مذهولين امام هذه الشخصية المهيبة الذي دوخت العالم ، ويهابه العالم كله قالوا : {حكمت ، فعدلت ، فأمنت ، فنمت ، يا عمر } !! . وقال لمن : أحضر إليه تاج كسرى وأساوره من المدائن ، المرصعة بأحجار الياقوت والمرجان ، ولم يفقد منها شيء ، لحريٌ بمن حمل الىَّ هذ الكنز ان يكونوا أًمناء أو كما قال رضي الله عنه المطالب العالية
جمييييل