منزلتك عند الناس
( حقيقة إياك نعبد ) : ـ
الذين يعيشون في ظلال هذا السياق الكريم : هم الذين أعمالهم كلها لله ، وأقوالهم لله ، وعطاؤهم ومنعهم لله ، وحبهم وبغضهم لله .
فمعاملتهم ظاهراًوباطناً لوجه لله ، وحده ، لايريدون بذلك من الناس جزاءً ولا ولاشكوراً ، ولا يبتغون الجاه عندهم ، ولا طلب المحمدة ، والمنزله في قلوبهم ، ولا هرباً من ذمهم ، بل قد عدوا الناس بمنزلة أصحاب القبور ، لايملكون لهم ضراً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياتاً ولا نشوراً .
فالعمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم ، ورجائهم للضروالنفع لا يكون من عارفٌ بهم البته . فإذا عرف الناس وعرف مولاه ، فينبغي له تقديم حقوق مولاه على حقوقهم : من كلام الأوائل بتصرف .
أقول : ليس المقصود من هذا السياق اعتزال الناس بالكلية ، والعيش في المغارات والغابات مع السباع ، وإنما المقصود ، ان تكون علاقتك معهم : علاقة الضعيف مع الضعفاء والفقير مع الفقراء ، والمسكين مع المساكين فهم لا يملكون العز حتى يمنحوك العزة ، ولايملكون الضر فيضروك ، ولايملكون الجاه حتى يتوجوك ، وإذا نالتك مكرمة منهم فما هم إلا وسطاء ، جرتهم المقاديرإلى بابك ، فقل لهم شكراٍ مرة واحدة والف مرة ، لربك تبارك وتعالى ، صاحب العطايا والمنن ، ومسبب الأسباب .
نبيك الكريم إذا بحثت عنه ، فتجده دائماً مع المساكين ، لايحب أن يسمع كلمة الإطراء . مدح شخص في مجلسه ـ صلى الله عليه وسلم ـ شخص آخر فقال : قطعت رقبته أو كما قال .
المطالب العالية