كلام أغلى من الذهب
مما هو معلوم أن صبر يوسف على ظلم أخوته ، له المقام الأعظم في ميزان الله من صبر الذي يتعرض للمصائب الكونية . لأن المصائب الكونية تجعله يستشعر أن الله هو الذي فعل به هذا ، فتيأس نفسه من هم التفكير في المعاقبة وأخذ الثأرمما لوكانت بشرية ، فتهدأ نفسه ويسلّم لأمر الله .
بخلاف المظلوم الذي ظلمه بني جنسه ، فإن نفسه تدفعه إلى العقوبة وأخذ الثأر لنفسه ، فالصبر على مصيبة ظلم الناس ، أفضل وأعظم في ميزان الله ، كصبر يوسف على ظلم أخوته ، لأن صبره هذا فيه مصادمة مع نفسه التي تدفعه إلى الإنتقام . فصبره على شهوة الإنتقام ، ينال به ثواب ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) .
وفي صبره على أذية الناس أن يسلم قلبه من الغل والحقد عليهم ، وكلا المصيبتين ، تشتركان في أنهما من عند الله مما يجعل العبد يستشعر أن ذلك وقع بسبب ذنوبه ، وهو مما يكفر الله به سيئاته .
المقصود : أن يكون للمؤمنين هذا الموقف في عموم المصائب ليعلموا أن ذلك هو اختيار الله لهم ، فعليهم التسليم الكامل والرضا بهذا القضاء ، والشكر على قضاء الله وما يكون من أفعال العباد ، فهو أيضاً لايخلو من الحكمة السابقة .
وقد كان ليوسف الصديق منزلة عالية لقوة إرادته وصبره على التورط في ارتكاب الفاحشة ، مع قوة الداعي إليها وتوفر أسباب ارتكابها ، فهذا الصبر له القدح المعلى في ميزان الله تعالى .
المطالب العالية