تجفيف المنابع : (1 ـ3 )
تعتبر الخمور أخطر المواد المسببة للإدمان ، وأوسعها انتشاراً ، وهي البوابة التي منها يحصل الدخول إلى عالم المخدرات الأكثر فتكاً . والمشكلة وإن كانت تعتبر نزيف اقتصادي هائل إلا أنها ، تسبب ماهو أخطر من ذلك ، في إضاعة زهرة شباب الأمة ،عدا الجرائم الخطيرة مثل : حوادث المرور وجرائم القتل والاغتصاب والسرقة وجرائم العنف والطلاق ...إلخ .
ولو رجعنا وراء إلى المجتمع الجاهلي قبل ظهور الإسلام لوجدنا أن للخمور شأن كبير في حياتهم : فهم يعتبرون إطعام الطعام وتقديم الخمور ، علامة على الكرم والشهامة التي يمجدها المجتمع الجاهلي ، ويتغنى بها الشعراء ، لهذا انتشر الخمر انتشاراً مريعاً ، في المجتمع العربي .
فعند بزوغ شمس الإسلام ، على هذه الأمة الجاهلة الأمية العابدة للخمر ، نقلها الإسلام العظيم تدريجياً إلى مرحلة ، الأمتناع عن شرب الخمر بالكلية دون خوف من سلطان أورقيب ، إلا سلطان الله ورقابته الدائمة .
فلما رسّخ الإسلامُ أركان العقيدة في نفوس العرب انقادوا لحكم الله . هكذا لم يبدأ المنهج الإسلامي في علاج الرذائل الجاهلية وانحرافاتها في بداية ظهوره ، وإنما بدأ أولاً في ترسيخ شهادة أن لا إله إلا الله ، وتقوية قيم الدين في نفوسهم حيث طالت فترة إنشاء لا إله إلا الله في النفوس في عمر الزمن حتى بلغت ثلاثة عشر عاماً .
وظهرت ثمرة ( لاإله إلا الله ) في المدينة بعد الهجرة ، عندما نزلت أغلظ الآيات التي حسمت قضيت الخمر بالكلية : (يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ...) .
بهذه الخطوات المتدرجة الحكيمة ، جفّف الإسلام منابع شرور الخمور ، وفطم الناس عن شربها ، عن قناعة وحرية اختيار دون قمع أوتخويف ، وإنما تحت تأثير صلابة العقيده والأنقياد التام عند سماع الأية : ( فهل أنتم منتهون ) ، وقال عمر رضي الله عنه : انتهينا ربنا ، انتهينا ربنا .
المطالب العالية