المكاسب الكبرى
التعلق يكون بالقلب ، ويكون بالفعل ، ويكون بهما جميعاً ، أي من تعلق شيئاً بقلبه وفعله وكل إليه ، أي : وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلق به .
فمن تعلقت نفسه بالله ، وأنزل حوائجه بالله ، والتجأ إليه ، وفوض أمره كله إليه . كفاه كل مؤنة ، وقرب إليه كل بعيد ، ويسر له كل عسير .
ومن تعلق قلبه بغير الله ، أواعتمد إلى علمه وعقله ودوائه وتمائمه ، وسكنت نفسه على حوله وقوته ، وكله الله إلى ذلك وخذله . وهذا معروف بالتجارب ، ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) .
قال الإمام أحمد : في رواية عن وهب بن منبه أنه قال : أوحى الله تبارك وتعالى
إلى داوود : ( يا داوود ، أما وعزتي وعظمتي ، لا يعتصم بي عبد من عبيدي دون خلقي أعرف ذلك من نيته ، فتكيده السماوات السبع ومن فيهنَّ والأرضون السبع ومن فيهنَّ إلا جعلتُ له من بينهنَّ مخرجاّ .
أما وعزتي وعظمتي لا يعتصم عبد من عبيدي بمخلوق دوني ، أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء من يده ، وأسخت الأرض من تحت قدميه ، ثم لا أبالي بأي وادٍ هلك .
أقول : من كرم الله عليك أن جعل حرية الأختيار موكولة إليك ، بعد أن بين لك ثمرة إختيارك ، فالمتاجرة مع الله تعود عليك بأعظم المكاسب ، في الدنيا والآخرة .
المطالب العالية